يتعرض الصمام الأبهري أحياناً إلى تضيق أو قصور يعيق تدفق الدم من القلب إلى الجسم، ما يسبب أعراضاً خطيرة تهدد حياة المريض. في هذه الحالات تكون عملية تبديل الصمام الأبهري (Aortic Valve Replacement) الحل العلاجي الأكثر فعالية لاستعادة وظيفة القلب الطبيعية والوقاية من المضاعفات. في تركيا، تُجرى هذه العملية بنسب نجاح مرتفعة وباستخدام أحدث تقنيات جراحة القلب.
لمحة عن وظيفة الصمام الأبهري
يُعد الصمام الأبهري واحداً من الصمامات الأربعة في القلب، ويقع بين البطين الأيسر والشريان الأبهر، يعمل هذا الصمام كبوابة تُفتح مع كل ضربة قلبية ليسمح بمرور الدم الغني بالأكسجين من القلب إلى الأبهر، ثم تُغلق بإحكام لتمنع رجوع الدم بالاتجاه المعاكس. تكرار هذه العملية بشكل منظم يضمن وصول الدم إلى مختلف أنحاء الجسم بكفاءة.
ما هي عملية تبديل الصمام الأبهري؟
عملية تبديل الصمام الأبهري (Aortic Valve Replacement – AVR) هي إجراء جراحي يهدف إلى إزالة الصمام الأبهري المصاب بالتضيق أو القصور واستبداله بصمام جديد يعيد تنظيم تدفق الدم من البطين الأيسر إلى الشريان الأبهر. خلال العملية، يتم التخلص من الصمام التالف وزرع صمام بديل يؤدي الوظيفة الأساسية المتمثلة في السماح بمرور الدم باتجاه واحد ومنع رجوعه إلى القلب.
يساعد هذا التدخل على تحسين كفاءة عمل القلب، والتخفيف من الأعراض المرافقة مثل ضيق التنفس وألم الصدر، والوقاية من المضاعفات القلبية الخطيرة التي قد تهدد حياة المريض.
متى نلجأ إلى عملية تبديل الصمام الأبهري؟
يلجأ الأطباء إلى إجراء عملية تبديل الصمام الأبهري عندما يتعرض الصمام لتلف شديد يمنعه من أداء وظيفته الطبيعية. وتظهر هذه الحالة عادة نتيجة:
- تضيق الصمام الأبهري (Aortic Valve Stenosis): يصبح الصمام غير قادر على الانفتاح بشكل كامل، مما يعيق تدفق الدم من القلب ويُرهق عضلة البطين الأيسر.
- قصور الصمام الأبهري (Aortic Valve Regurgitation): يفشل الصمام في الإغلاق بإحكام، فيعود الدم إلى القلب بالاتجاه المعاكس ويضعف كفاءة الضخ.
قد تكون أسباب هذه الاضطرابات خلقية منذ الولادة، أو مكتسبة لاحقاً نتيجة التقدم في العمر، أو أمراض القلب الالتهابية مثل التهاب شغاف القلب الإنتاني. في بعض الحالات يُوصى باستبدال الصمام حتى في غياب أعراض شديدة، حيث أظهرت الدراسات أن التدخل المبكر يمنح نتائج أفضل على المدى الطويل.

أعراض وعلامات أذية الصمام الأبهري
قد تمر أذية الصمام الأبهري من دون أعراض واضحة لسنوات طويلة، لكن مع تفاقم الحالة تبدأ علامات التعب على المريض بالظهور. وتشمل أبرز الأعراض:
- ألم أو ضغط صدري يخف عند الراحة
- دوخة أو إغماء مفاجئ
- ضيق في التنفس خاصة أثناء النشاط البدني أو عند الاستلقاء
- خمول وتعب متكرر بعد بذل جهد بسيط
- تورّم في القدمين أو الكاحلين نتيجة تراكم السوائل
- عدم انتظام ضربات القلب
- ضعف الشهية أو قلة تناول الطعام، وهو ما قد يظهر بشكل أوضح عند الأطفال المصابين بتضيق الصمام الأبهري
طرق تشخيص أمراض الصمام الأبهري
يعتمد تشخيص أمراض الصمام الأبهري على الجمع بين القصة السريرية والفحص السريري والفحوصات التصويرية. يبدأ الطبيب عادةً بالاستماع إلى أصوات القلب بواسطة السماعة الطبية، ثم يطلب عدداً من الاختبارات المساعدة لتحديد شدة الأذية، من أبرزها:
- تخطيط صدى القلب (الإيكو): أهم وسيلة تشخيصية، يستخدم الأمواج فوق الصوتية لتصوير حجرات القلب وحركة الصمام الأبهري وتقدير شدة التضيق أو القصور.
- تخطيط القلب الكهربائي (ECG): يكشف عن اضطرابات نظم القلب أو علامات القصور القلبي المرافق.
- صورة الصدر البسيطة: تساعد على تقييم حجم القلب والرئتين، وقد تكشف عن تضخم القلب أو تكلسات الصمام.
- اختبار الجهد (Exercise Test): يقيس استجابة القلب أثناء النشاط البدني لرصد ظهور الأعراض أو اضطرابات النظم.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو الطبقي المحوري (CT): يقدمان صوراً دقيقة لبنية القلب وحجم الأبهر، ويُستخدمان لتقييم شدة الإصابة.
- القسطرة القلبية: ليست الخيار الأول للتشخيص، لكنها تُجرى في بعض الحالات لتقدير دقيق لشدة الأذية أو عند التخطيط للتداخل العلاجي.
التحضير لعملية تبديل الصمام الأبهري
قبل إجراء عملية تبديل الصمام الأبهري يحتاج المريض إلى مجموعة من الفحوصات الطبية للتأكد من جاهزيته للعمل الجراحي، وتشمل أهمها:
- تحاليل دموية وبولية شاملة
- صورة صدر بسيطة لتقييم الرئتين وحجم القلب
- تخطيط قلب كهربائي (ECG)
- فحص سريري شامل من قبل طبيب القلب والجراحة
أما من ناحية التعليمات، فيوصي الأطباء المريض بالتوقف عن التدخين لمدة أسبوعين على الأقل قبل الجراحة لتقليل خطر حدوث مشاكل تنفسية أو جلطات دموية، كما يجب إبلاغ الفريق الطبي بجميع الأدوية والمكملات التي يتناولها، وأي مرض حالي حتى لو كان بسيطاً مثل نزلة برد، لأن ذلك قد يؤثر في نجاح الجراحة ومرحلة التعافي. إضافةً إلى ذلك يُطلب من المريض الاستحمام في الليلة السابقة بصابون معقم خاص، والامتناع عن الطعام والشراب بعد منتصف الليل.
كيف يتم إجراء عملية تبديل الصمام الأبهري؟
تتوفر عدة طرق لإجراء عملية تبديل الصمام الأبهري، ويُحدد الأطباء الخيار الأنسب بناءً على عمر المريض وحالته الصحية ودرجة خطورة العملية.
الجراحة المفتوحة (Surgical Aortic Valve Replacement – SAVR)
تُعد الطريقة الأكثر شيوعاً، حيث يقوم الجراح بعمل شق في منتصف الصدر عبر عظم القص، ثم يُوصل القلب بجهاز المجازة القلبية الرئوية الذي يتولى وظيفته مؤقتاً. بعد ذلك يُزال الصمام التالف ويُزرع صمام جديد، ثم يُعاد تشغيل القلب ويُغلق الصدر. تستغرق هذه العملية عادة بين ساعتين وأربع ساعات وتُعتبر الخيار الأمثل لمعظم المرضى.

الجراحة طفيفة التوغل (Minimally Invasive AVR)
في هذه الطريقة يُجرى شق صغير في الصدر دون الحاجة إلى فتح عظم القص بالكامل. يُدخل الجراح أدوات دقيقة للوصول إلى الصمام واستبداله، مما يقلل من حجم الندبة والألم ويسرّع الشفاء. مع ذلك فهي ليست مناسبة لجميع المرضى، ويُقرر الطبيب اعتمادها بحسب الحالة.
تبديل الصمام عبر القسطرة (Transcatheter Aortic Valve Replacement – TAVR)
في بعض الحالات يكون الحل الأنسب هو عملية تغيير الصمام الأبهري بالقسطرة، خصوصاً للمرضى كبار السن أو الذين لا يتحملون الجراحة المفتوحة. يتم إدخال الصمام الجديد عبر شريان في الفخذ أو أحياناً من خلال شريان آخر، ثم يُوجَّه باستخدام القسطرة حتى يصل إلى موضع الصمام الأبهري ويتم تثبيته هناك. تمتاز هذه الطريقة بأنها أقل ألماً وتقلل من مدة البقاء في المستشفى، لكنها ليست مناسبة لجميع المرضى.
إجراء روس (Ross Procedure)
يُعد إجراء روس خياراً علاجياً مميزاً لمرضى الصمام الأبهري الأصغر سناً، وخصوصاً من هم دون سن الخمسين ولا يرغبون باستعمال الأدوية المميعة للدم لبقية حياتهم. يقوم الجراح في هذه العملية باستبدال الصمام الأبهري التالف بصمام المريض الرئوي الطبيعي نظراً لتشابههما في البنية والوظيفة، ثم يُزرع طُعم صمامي مأخوذ من متبرع مكان الصمام الرئوي.
تسمح هذه التقنية للقلب بالعمل بكفاءة أكبر، وتقلل من الحاجة إلى استخدام المميعات مدى الحياة، كما أن خطر تشكّل الجلطات الدموية يكون أقل مقارنة باستخدام الصمامات الصناعية. إضافة إلى ذلك، يمنح الإجراء نتائج طويلة الأمد ويحافظ على أداء قريب من الطبيعي. وعلى الرغم من هذه المزايا، إلا أن العملية تُعتبر معقدة وصعبة لأنها تتطلب التدخل على صمامين في آن واحد، ولهذا السبب لا تُجرى إلا في مراكز متخصصة ولدى المرضى القادرين على تحمل وقت الجراحة الطويل.
أنواع الصمامات البديلة
بعد استئصال الصمام الأبهري المتضرر، يقوم الجراح بزرع صمام بديل يؤدي وظيفة تنظيم تدفق الدم. وتنقسم الصمامات المستخدمة عادة إلى نوعين رئيسيين:
- الصمامات الصناعية (الميكانيكية): تُصنع من مواد قوية مثل الكربون أو المعدن، وتتميز بقدرتها على العمل لفترات طويلة قد تمتد مدى الحياة. إلا أن استخدامها يتطلب تناول المريض أدوية مميعة للدم بشكل دائم لتجنب تشكل الجلطات، ما يزيد من خطر النزف في بعض الحالات.
- الصمامات الحيوية (البيولوجية): تُصنع من أنسجة حيوانية (مثل صمامات الخنازير أو الأبقار) أو من أنسجة بشرية مأخوذة من متبرعين. تدوم عادة بين 12 و15 سنة، ولا تحتاج في معظم الحالات إلى استخدام المميعات على المدى الطويل، لكنها قد تتعرض للتلف مع مرور الوقت، مما يستدعي استبدالها مجدداً.
يختار الطبيب نوع الصمام المناسب بناءً على عمر المريض، حالته الصحية، ورغبته فيما يخص تناول المميعات أو احتمالية الحاجة إلى جراحة ثانية في المستقبل.

مخاطر عملية تبديل الصمام الأبهري
كما هو الحال في أي عمل جراحي كبير، قد ترافق عملية تبديل الصمام الأبهري بعض المخاطر، تختلف شدتها باختلاف عمر المريض وحالته الصحية والأمراض المرافقة. ومع ذلك، فإن معظم المرضى يحققون نتائج جيدة وناجحة بعد العملية.
تشمل مضاعفات عملية تبديل الصمام الابهري عادة ما يلي:
- االنزف خلال العملية أو بعدها
- الإنتان (العدوى)
- اضطرابات نظم القلب أو ما يُعرف باللانظميات
- تشكل جلطات دموية قد تؤدي إلى سكتة دماغية أو قلبية
- مشاكل مؤقتة في الكلى أو الرئتين
- اختلاطات متعلقة بالتخدير
يزداد خطر حدوث هذه المضاعفات لدى المرضى المتقدمين في السن أو المصابين بأمراض مزمنة كداء السكري وأمراض الرئة والسمنة، ورغم ذلك تبقى العملية ذات نسب نجاح مرتفعة، وغالباً ما تفوق فوائدها مخاطرها عندما يوصي الطبيب بها.
الشفاء بعد عملية تبديل الصمام الأبهري
بعد إجراء العملية، يُنقل المريض عادةً إلى وحدة العناية المشددة لمراقبة حالته عن قرب خلال الساعات الأولى، تستمر الإقامة في المستشفى حوالي أسبوع واحد في معظم الحالات بينما قد يستغرق الشفاء الكامل فترة تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر تبعاً لعمر المريض وصحته العامة ونوع العملية المجراة.
يلاحظ معظم المرضى تحسناً في الأعراض مباشرة بعد العملية، ويمكنهم العودة تدريجياً إلى أنشطتهم اليومية عند الخروج من المستشفى وغالباً ما يُنصح بالانضمام إلى برنامج إعادة تأهيل قلبي يشمل تمارين رياضية خفيفة وتعليمات غذائية لتسريع التعافي وتحسين وظائف القلب.
عادةً يتمكن المريض من العودة إلى الأعمال المكتبية بعد 6–8 أسابيع، بينما يُسمح بقيادة السيارة بعد 4–6 أسابيع وفق تقييم الطبيب. ويُعتبر الالتزام بالتعليمات الطبية والمتابعة المنتظمة مع طبيب القلب أساسياً لضمان نجاح العملية على المدى الطويل.
في الختام، تمثل عملية تبديل الصمام الأبهري حلاً علاجياً فعالاً للمرضى المصابين بتضيق أو قصور الصمام، إذ تساعد على استعادة وظيفة القلب الطبيعية وتحسين نوعية الحياة بشكل ملحوظ، ورغم وجود بعض المخاطر كما في أي عمل جراحي، إلا أن نسب النجاح المرتفعة ونتائج البقاء الطويلة تجعلها خياراً مهماً عند توصية الطبيب بها. إن المتابعة الطبية المنتظمة والالتزام بتعليمات الرعاية بعد العملية يساهمان بشكل كبير في تعزيز فرص الشفاء والوقاية من المضاعفات المستقبلية.
المصادر:
- NHS England and NHS Improvement. (2025, July 17). Aortic valve replacement.
- Johns Hopkins Medicine. (n.d.). Aortic valve replacement: Open.