.floating_btn{ display:none !important; } .println-contact-form-button-element{ display:none !important; }
يعد العمى الوراثي من الأمراض التي تؤثر على البصر منذ مراحل مبكرة من العمر، ويصعب علاجه بالوسائل التقليدية. ومع تطور الطب الحديث ظهر العلاج بالخلايا الجذعية كخيار واعد، حيث يعمل على تعويض الخلايا التالفة في الشبكية وتجديدها. هذا الأسلوب فتح آفاقاً جديدة أمام المرضى لإمكانية استعادة جزء من قدرتهم على الرؤية وتحسين حياتهم بشكل ملموس.
لمحة عن علاج العمى الوراثي بالخلايا الجذعية في تركيا
يُعد التهاب الشبكية الصباغي من أبرز أسباب العشى الليلي الوراثي، وينتج عن طفرات جينية قد تكون متنحية أو راجحة أو مرتبطة بالجنس. يؤدي هذا المرض إلى تلف الخلايا المسؤولة عن الرؤية الليلية في الشبكية (العصي) بشكل رئيسي، ليتبعها لاحقاً تدهور تدريجي في الخلايا الأخرى.
يبدأ المريض عادةً بفقدان قدرته على الرؤية في الظلام، ثم يتطور الأمر تدريجياً ليؤثر على الرؤية النهارية. ومع تقدم المراحل، يتقلص مجال الإبصار ليقتصر على دائرة مركزية ضيقة، وقد ينتهي الأمر بفقدان كامل للرؤية في المرحلة الأخيرة. ومن الصعب التنبؤ بالوقت الذي يحدث فيه هذا الفقدان الكلي لمجال البصر.

ما هي الخلية الجذعية؟
الخلايا الجذعية هي خلايا أولية غير متمايزة وظيفياً وغير ناضجة ذات بنية معقدة. تمتلك هذه الخلايا القدرة على التحول إلى أنواع أخرى من خلايا الجسم المختلفة، كما يمكنها الاستقرار تلقائياً في بيئة نمو مناسبة.
تتميز بقدرتها على التكاثر والتمايز بشكل مستمر لتوليد خلايا جديدة، إضافةً إلى قابليتها لتجديد نفسها. كما تستطيع محاكاة بنية النسج والخلايا المحيطة بها، مما يساهم في إصلاح وتجديد الأنسجة والحفاظ على بنيتها ووظيفتها في حال تعرضت لاضطراب أو مرض معين.

كيف يتم الحصول على الخلايا الجذعية؟
من الممكن الحصول على الخلايا الجذعية من أعضاء أو أنسجة مختلفة في جسم الإنسان البالغ، حيث من الممكن أن تكون الخلية الجذعية ذاتية أي من الشخص نفسه أو خيفية (Allogenic) أي الخلايا الجذعية المأخوذة من شخص آخر.
كيف تتم عملية علاج العمى الوراثي بالخلايا الجذعية؟
تُعد عملية علاج العمى الوراثي بالخلايا الجذعية إجراءً دقيقاً يتم داخل غرف عمليات مجهزة بتقنيات متقدمة، وتشمل الخطوات الأساسية ما يلي:
- تحضير الخلايا الجذعية: يتم الحصول على الخلايا الجذعية إما من نخاع العظم أو من مصادر أخرى معتمدة، ثم تُزرع وتُحضّر في مختبرات خاصة حتى تصل إلى العدد والنقاوة المطلوبة للاستخدام العلاجي.
- تجهيز المريض: يخضع المريض لفحوصات شاملة للتأكد من ملاءمته للإجراء، ثم يُعطى تخديراً موضعياً أو عاماً بحسب الحالة.
- حقن الخلايا الجذعية: يتم إدخال الخلايا الجذعية داخل الشبكية أو في محيطها عبر حقن دقيق باستخدام تقنيات مجهرية متطورة. الهدف هو أن تستقر هذه الخلايا في مكانها وتبدأ بالتمايز لتعويض الخلايا التالفة.
- فترة المراقبة والمتابعة: بعد العملية، يُبقى المريض تحت المراقبة للتأكد من عدم حدوث مضاعفات، مثل الالتهابات أو ارتفاع الضغط داخل العين. كما تُجرى فحوصات دورية لمتابعة تحسن الرؤية واستقرار الخلايا المزروعة.
بهذه الطريقة، تسعى العملية إلى إعادة تجديد خلايا الشبكية التالفة وتحسين القدرة على الإبصار بشكل تدريجي.
من بإمكانه تلقي علاج العمى الوراثي بالخلايا الجذعية في تركيا؟
الشروط الأساسية للعلاج
حتى الآن، اقتصرت الدراسات على مرضى التهاب الشبكية الصباغي. وتشترط المعايير الأساسية أن يكون عمر المريض فوق 18 عاماً، وأن يقل مستوى الرؤية عن 0.05 مع عدم وجود أمراض عينية أو جهازية مرافقة مثل الساد.
دراسات المرحلة الثانية عالمياً
تشير الأبحاث الجارية في دول مختلفة إلى أن استخدام الخلايا الجذعية لم يعد يقتصر على التهاب الشبكية الصباغي فقط. فقد بدأت المرحلة الثانية من الدراسات على حالات الضمور البقعي المتقدم والضمور البقعي الجاف، كما أُطلقت المرحلة الأولى لتجارب علاج ضمور العصب البصري.
التجارب في تركيا
في تركيا، بدأت المرحلة الثانية من التجارب السريرية على مرضى الضمور البقعي، ومرضى Stargardt، إضافة إلى مرضى التهاب الشبكية الصباغي والمصابين بضمور العصب البصري. وقد أظهرت هذه التجارب نتائج واعدة ونجاحات ملحوظة.
نتائج المرحلة الثالثة
أما أحدث الدراسات التي وصلت إلى المرحلة الثالثة، فقد أثبتت فعالية زرع الخلايا الجذعية داخل الشبكية. والأهم أنها لم تُظهر أي أعراض جانبية على العين خلال فترة متابعة استمرت ستة أشهر، وهي الفترة الأكثر خطورة.
ختاماً، يمثّل علاج العمى الوراثي بالخلايا الجذعية فرصة حقيقية لتحسين الرؤية ونوعية الحياة لدى المصابين، خصوصاً مع النتائج الواعدة في تركيا. ورغم أنّه ما يزال في طور الأبحاث المتقدمة، إلا أنّ المؤشرات الحالية تدعم المضي قدماً نحو اعتماده سريرياً. لمن يدرس الخيارات العلاجية، قد يكون علاج العمى الوراثي بالخلايا الجذعية خطوةً واعدة، ومع المتابعة المتخصصة قد يفتح علاج العمى الوراثي بالخلايا الجذعية باباً جديداً للأمل.
المصادر:
- Chen, X., Xu, N., Li, J., Zhao, M., & Huang, L. et al. (2023). Stem cell therapy for inherited retinal diseases: a systematic review and meta-analysis. Stem Cell Research & Therapy, 14(286).
- Tucker, B. A., Park, I.-H., & Mullins, R. F. (2014). Stem cells for investigation and treatment of inherited retinal diseases. Progress in Retinal and Eye Research, 41, 34–57.