يُعد شلل العصب الوجهي (شلل بيل) أحد أشهر اضطرابات الوجه المؤقتة، ويصيب آلاف الأشخاص حول العالم سنوياً. يظهر عادةً فجأة ويؤثر على جانب واحد من الوجه، مما قد يسبب صعوبة في إظهار تعابير الوجه الطبيعية مثل الابتسام أو غلق العينين، الأمر الذي قد يثير القلق والانزعاج لدى المصابين.
تشير الدراسات إلى أن شلل بيل يُصيب حوالي 20 إلى 30 شخصًا من كل 100,000 سنوياً، ويمكن أن يظهر في أي عمر، لكنه أكثر شيوعاً بين البالغين في منتصف العمر. على الرغم من أن معظم الحالات تكون مؤقتة وتتحسن تلقائياً خلال أسابيع، إلا أن التعرف المبكر على الأعراض والفهم الصحيح للحالة يساعد في التعامل الفعّال مع الأعراض وتسريع التعافي، ويمنع المضاعفات المحتملة.
ما هو العصب الوجهي؟
يُعرف العصب الوجهي أيضاً باسم العصب القحفي السابع والعصب القحفي السابع، وهو عصب في الرأس يُرسل إشارات من الدماغ إلى أجزاء من الوجه، وبالعكس. يوجد عصبين وجهيين، واحد على كل جانب من الرأس. يُعد العصب الوجهي الزوج السابع من أصل 12 عصبًا قحفيًا يشكلون الجهاز العصبي.
إن أعصاب الوجه تعمل باستمرار، فهي مسؤولة عن العديد من الوظائف المهمة التي تُميزنا كبشر، مثل تكوين تعابير وجه لا تُحصى، والكلام، والتذوق، وإنتاج الدموع.
ما هي وظائف أعصاب الوجه؟
العصب الوجهي ليس عصباً واحد الوظيفة، بل يحمل أنواع مختلفة من الألياف العصبية، ولكل نوع منها دور محدد في الجسم.
- الوظائف الحركية: يتحكم العصب الوجهي بحركة معظم عضلات الوجه، لذلك هو المسؤول عن تعابير الوجه مثل الابتسام، العبوس أو إغلاق العينين.
- الوظائف الحسية: ينقل إحساس التذوق من الثلثين الأماميين للسان، كما يغذي بعض أجزاء الأذن الخارجية وطبلة الأذن.
- الوظائف الباراسمبثاوية: تساعد هذه الألياف في تنشيط الغدد اللعابية لإفراز اللعاب، والغدد الدمعية لإفراز الدموع، مما يحافظ على ترطيب الفم والعينين.
العصب الوجهي أساسي للتذوق، والحركة، والإحساس، إضافةً إلى إفراز الدموع واللعاب.
ما هو شلل العصب الوجهي السابع؟
إن شلل بيل والشلل الوجهي جميعها مسميات لمرض شَلَل العَصَبِ الوَجْهِيِّ facial nerve paralysis، وهو عبارة عن شلل يصيب نصف الوجه، يرافقه في معظم الأحيان ألم خفيف وخدر وفقدان الإحساس بنصف الوجه بالإضافة إلى زيادة الحساسية للصوت وتغير في التذوق.
شلل العصب الوجهي مجهول السبب عادة ولكن قد تكون نسبة من الحالات ناجمة عن فيروس الهربس في العقدة الركبية لعصب الوجه. وهي حالة تؤثر على أحد جانبي الوجه فقط؛ حيث تصبح العضلات في جهة واحدة من الوجه ضعيفة أو مشلولة بشكل مؤقت مما يؤدي إلى تدليها أو تيبسها في هذا الجانب.
يُعد شلل الوجه النصفي أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 40 عاماً. يتعافى معظم الأشخاص تلقائياً في غضون شهر واحد من إصابة العصب، لكن في 30٪ من الحالات يظهر المصابون تعافياً متأخراً أو غير كامل.

أسباب شلل العصب الوجهي
لا يزال سبب هذه الحالة غير معروف، لكن يعتقد أن السبب هو حدوث تلف أو التهاب في عصب الوجه مما يؤدي إلى تورم وتضخم فيه، حيث يمر العصب الوجهي عبر منطقة عظمية ضيّقة داخل الجمجمة، و نتيجة لتورمه ينضغط مما يسبب خلل في عمل هذا العصب.
قد تلعب الالتهابات الفيروسية دوراً في شلل العصب الوجهي، إذ أنّ فيروس الهربس1 (فيروس الحلأ البشري1) هو المسؤول في عدد كبير من الحالات، وهناك بعض الفيروسات الأخرى التي لها صلة بشلل العصب الوجهي:
- الحصبة الألمانية Rubella
- فيروس النكاف Mumps
- الانفلونزا Influenza B
- جدري الماء والقوباء المنطقية Herpes zoster
- فيروس إبشتاين – بار (EBV) المسبب لداء كثرة الوحيدات
- الفيروس مضخّم الخلايا Cytomegalovirus
- فيروس مرض اليد والقدم والفم Coxsackievirus
- داء السكري
- نقص المناعة
- الحمل
أعراض وعلامات الإصابة بشلل بيل
تتمثل العلامة الأكثر وضوحًا لشلل بيل تدلي جانب واحد من وجه المريض وصعوبة إغلاق العين في الجانب المصاب بالإضافة إلى صعوبة الإبتسام وإبراز تعابير الوجه الأخرى. في حالات نادرة يمكن أن يحدث شلل للأعصاب في جانبي الوجه معاً. إضافةً إلى صعوبة تحريك عضلات الوجه، يمكن ملاحظة بعض الأعراض الأخرى التي تظهر عند المصابين:
- جفاف العين والفم
- الشعور بألم في الفكين أو خلف الأذن وذلك غالباً ما يحدث قبل ظهور الأعراض (من 1 إلى 4 أيام قبل ظهورها)
- صداع
- ضعف في حس التذوق
- طنين الأذنين
- حساسية مفرطة للأصوات حيث تبدو الأصوات أعلى بكثير من المعتاد في الأيام التي تسبق ظهور الأعراض
- صعوبة في التكلم والأكل والشرب

العوامل المؤهبة للإصابة بشلل العصب الوجهي
هنالك العديد من العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة به منها:
- الحمل؛ خاصة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل أو في الأسبوع الأول بعد الولادة
- داء السكري؛ حيث أظهرت الدراسات ارتباط داء السكري بارتفاع احتمال الإصابة بهذا الشلل
- بعض أمراض المناعة الذاتية
- قروح البرد
- ارتفاع ضغط الدم
تشخيص شلل العصب الوجهي
لا يوجد اختبار مخبري محدد لتشخيصه وإنما يتم اكتشافه عبر ما يسمى بالتشخيص الإقصائي، وهذا يعني أن الأطباء لا يشخصون الإصابة به إلا بعد استبعاد كل الإحتمالات الأخرى. عادةً ما يتم إجراء فحص بدني كامل وفحص دقيق لعضلات الوجه عن طريق تجريب جميع تعابير الوجه كالإبتسام مثلاً.
قد يطلب الطبيب إجراء تخطيط كهربي عضلي EMG وذلك لقياس النشاط الكهربائي للعضلة. كما قد يطلب الطبيب أيضاً إجراء الفحص الشعاعي عن طريق الأشعة السينية للجمجمة أو التصوير بالرنين المغناطيسي للتأكد من عدم وجود ورم أو كسر في العظم يضغط على العصب.
علاج شلل العصب الوجهي
يتعافى معظم الأشخاص الذين يعانون من شلل بيل تلقائياً دون تلقي علاج، قد نلاحظ عند بعض الأشخاص فترة تعافي أطول وفي بعض الحالات النادرة تكون الأعراض دائمة ولكن عادةً ما يحدث التحسن خلال الأسابيع الثلاثة التالية لظهور الأعراض.
هناك بعض العلاجات التي قد تساعد على الشفاء بشكل أسرع مثل الكورتيكوستيروئيدات التي تساعد في تخفيف التورم وتزيد من احتمالية عودة وظيفة الأعصاب إلى طبيعتها ومن ثم تقليل مدة بقاء أعراض الشلل، مع ملاحظة أنها تؤثر بشكل أفضل إذا تم تناولها في غضون 72 ساعة من بدء الأعراض.
قد نحتاج العلاج باستخدام مضادات الفيروسات في حال كانت الأعراض ناجمة عن فيروس الهربس 1 (فيروس الحلأ البشري 1) أو القوباء المنطقية (فيروس جدري الماء النطاقي). إذا كان الشلل يعيق إغلاق العين، فيجب حماية العين المصابة وذلك باستخدام قطرة عينية عقيمة لإبقائها رطبة، كما يجب المواظبة على حركات تدليك الوجه وأداء بعض الحركات البسيطة تساعد على تنشيط العضلات ومنع تيبسها، وقد يكون لها دور في تسريع التعافي..
لا ينصح بأي تدخل جراحي لعلاج شلل العصب الوجهي إلا إذا استمرت الأعراض مدة طويلة أو عند حصول مضاعفات.
المضاعفات
على الرغم من أن معظم المرضى يتعافون بشكل كامل، إلا أن بعض الحالات قد تعاني من مضاعفات، خاصة عند تأخر العلاج أو في حال استمرار الأعراض لفترة طويلة:
- أذية دائمة للعصب الوجهي
- ضعف عضلات الوجه بشكل جزئي أو دائم
- تقلص في العضلات اللاإرادية
- العمى الجزئي أو الكامل للعين التي لم تغلق بسبب الجفاف المفرط وخدش القرنية
الفرق بين شلل العصب الوجهي والسكتة الدماغية
من المهم معرفة الفرق بين أعراض الإصابة بشلل العصب الوجهي والسكتة الدماغية على الوجه فهما يعتبران أشهر سببين لضعف عضلات الوجه، وفي حين أنَّ شلل العصب السابع حالة غير طارئة فإن السكتة الدماغية تحتاج للإسعاف الطارئ في مستشفى مجهز.
ولذلك فمن المهم أن يتم التقييم الطبي العاجل لأي ضعف مفاجئ بعضلات الوجه لاستبعاد كونه جزء من أعراض السكتة الدماغية خاصة إذا صاحَبها عدم القدرة على رفع الذراع أو صعوبة في التحدث.

في حالة شلل العصب الوجهي نلاحظ اختفاء تجاعيد الجبهة في الجانب المصاب وذلك عند رفع الحاجبين، أما في حالة السكتة الدماغية لا يتم فقد تجاعيد الجبهة في الناحية المتأثرة من الوجه ويكون الشخص قادراً على رفع حاجبه في الناحية المتأثرة بسبب وجود تغذية عصبية مزدوجة قادمة من المخ لهذه المناطق.

التعايش مع شلل بيل
عادةً ما يزول شلل بيل تدريجياً مع مرور الوقت، ولا يترك مضاعفات خطيرة أو دائمة لدى معظم المرضى. ومع ذلك، فإن مرحلة التعافي قد تستغرق عدة أسابيع أو أشهر، مما يجعل الالتزام بخطة العلاج أمرا ًضروريًا. من المهم تناول الأدوية وفقًا لتعليمات الطبيب، وخاصة الكورتيكوستيرويدات التي تقلل من شدة الالتهاب وتسهم في تسريع الشفاء.
كما يجب إيلاء عناية خاصة للعين في الجانب المصاب، لأنها قد لا تُغلق بشكل كامل مما يعرّض القرنية للجفاف أو التقرح. يساعد استخدام قطرات مرطبة خلال النهار ومرهم العين قبل النوم على حمايتها من الخدش. بالإضافة إلى ذلك، قد يُنصح بعض المرضى باللجوء إلى تمارين العلاج الفيزيائي للوجه لتحفيز العضلات والحفاظ على مرونتها. إن اتباع هذه الإرشادات البسيطة يساهم في جعل فترة التعايش مع شلل بيل أقل إزعاجًا وأكثر أمانًا حتى يتم الشفاء التام.
أخيراً، يُعد شلل بيل حالة شائعة تصيب العصب الوجهي وتؤثر على عضلات الوجه، وغالبًا ما تكون مؤقتة وتتحسن تدريجيًا مع مرور الوقت. ومع ذلك، فإن التشخيص المبكر والعلاج المناسب يسرع التعافي ويقلل من المضاعفات المحتملة. يوفر مركز بيمارستان الطبي رعاية متخصصة وشاملة لمرضى شلل العصب الوجهي، مع خبراء في التشخيص والعلاج الدوائي والفيزيائي، لضمان استعادة وظائف الوجه بشكل آمن وفعال وتحسين جودة حياة المرضى.
المصادر:
- Johns Hopkins Medicine. (n.d.). Bell’s Palsy
- WebMD. (2023, November 14). Bell’s palsy: Causes, symptoms, and treatment
- National Health Service. (n.d.). Bell’s palsy