تُعد قسطرة البروستاتا (إصمام الشريان البروستاتي) من أحدث العلاجات الطفيفة التوغل لعلاج تضخم البروستاتا الحميد، حيث تُجرى عبر الأشعة التداخلية دون جراحة تقليدية. تهدف هذه التقنية إلى تقليل حجم البروستاتا وتحسين الأعراض البولية بشكل تدريجي مع الحفاظ على الوظيفة الجنسية وتقليل المضاعفات.
ما هي عملية قسطرة البروستاتا؟
تتم عملية قسطرة البروستاتا بإدخال قثطار رفيع عبر شريان محيطي (عادةً شريان الفخذ أو شريان المعصم) وتوجيهه بمساعدة الصور الإشعاعية إلى الشرايين التي تغذّي البروستاتا. يتم حقن جزيئات صغرى (embolic particles) عبر القثطار لإغلاق مجرى الشريان المستهدف مما يقلل التروية الدموية لباطن النسيج البروستاتي، ويسبّب نخر إقفاري جزئي يليه تراجع في حجم الغدة وتحسّن تدريجي في الأعراض البولية خلال أسابيع إلى أشهر.

آلية قسطرة البروستاتا
تعتمد آلية قسطرة البروستاتا على عدة نقاط، وهي:
- إغلاق الشريان موضعياً: الجسيمات المُحقونة تسد فروع الشريان البروستاتي فيقل التدفق الدموي الموضعي.
- نخر إقفاري محدود: يحدث تموت جزئي للخلايا في النسيج البروستاتي نتيجة النقص في التروية، ويتم إزالة النسيج التالف عن طريق الجهاز المناعي.
- التليف والانكماش: تلي إزالة الخلايا عمليات تليف محلي وانكماش في حجم النسيج، ما يقلّل الضغط على الإحليل ويُحسّن تدفق البول.
- تأثير وظيفي تدريجي: بخلاف الاستئصال الجراحي، التأثير يظهر بشكل تدريجي ويكون تحسّن الأعراض ملحوظ بعد أسابيع ويبلغ أقصى تحسّن عادةً خلال 3–6 أشهر.
مميزات قسطرة البروستاتا وفوائدها
- عدم الحاجة للتخدير العام: عادةً تُجرى قسطرة البروستاتا تحت تخدير موضعي ومهدئات بسيطة، وبالتالي هي مناسبة للمرضى ذوي المخاطر الجراحية.
- خروج في نفس اليوم: العديد من المراكز تقوم بإخراج المريض خلال اليوم نفسه أو بعد مراقبة قصيرة.
- حفظ الوظيفة الجنسية: العديد من الدراسات تبيّن أن قسطرة البروستاتا تُحافظ على وظيفة الانتصاب بمعدل أعلى مقارنة ببعض الجراحات التقليدية، وفي بعض الدراسات قد لوحظ تحسّن طفيف في قياسات الانتصاب بعد الإجراء.
- معدل تحسّن كبير لدى غالب المرضى: تظهر نتائج مجموعة من الدراسات تحسّن سريري لدى نحو 70–80% من المرضى المختارين.
- نقصان احتمالية حدوث المضاعفات: يكون معدل حدوث المضاعفات المرافقة للجراحات التقليدية أقل بكثير عن الخضوع لقسطرة البروستاتا، أما الآثار الجانبية المؤقتة (مثل ألم الحوض والتبول المؤلم ووجود دم في السائل المنوي) فهي الأكثر شيوعاً وتزول عادة خلال أيام إلى أسابيع.
جسيمات الإنسداد (embolic agents) المستخدمة
- أنواع شائعة من الجسيمات:
- Polyvinyl alcohol (PVA) particles (غير كروية أو كروية)
- Microspheres (مثل trisacryl–gelatin, polyethylene glycol microspheres)
- جسيمات هيدروجيل أو كريات جيلاتين مجهرية
- حجم الجسيمات: يتراوح نطاق الأحجام في أغلب الدراسات بين 50 إلى 500 ميكرون. أثبتت الدراسات أن أحجام 100–300 ميكرون شائعة ومرتبطة بنتائج جيدة، يتم أحياناً استخدام مجموعات أحجام (صغيرة ثم أكبر) لتحقيق اختراق متفاوت للشعيرات. اختيار الحجم متوقف على خبرة الطبيب وحالة الأوعية لدى المريض الوعائي للمريض.
اختيار نوع وحجم الجسيمات يؤثر على عمق الانسداد ونسبة النخر البروستاتي، لكن لا يوجد إجماع قاطع على أفضل مادة لكل الحالات، والقرار يعتمد على خبرة الفريق والآلية الوعائية.
متى يُستطب إجراء قسطرة البروستاتا؟
يُنظر إلى قسطرة البروستاتا كخيار لعلاج أعراض المسالك البولية السفلية الناتجة عن تضخّم البروستاتا في الحالات التالية عادة:
- وجود أعراض بولية متوسطة إلى شديدة غير مستجيبة للعلاج الدوائي أو غير محتملة من قبل المريض.
- مريض يرفض الجراحة التقليدية، أو يُخشى من الآثار الجانبية للجراحة ( للمحافظة على الوظيفة الجنسية أو تجنّب المخاطر الجراحية).
- مريض ذو مخاطر جراحية عالية تجعل الجراحة خيار غير مناسب.
- حالات احتباس البول المزمنة مع قسطرة طويلة الأمد.
لا يوجد حجم معين للخضوع لقسطرة البروستاتا، لكن الأدب الطبي يشير إلى أن المرشحين لقسطرة البروستاتا عادةً أصحاب هم غدد أكبر من 40–50 مل، بينما المرضى ذوو البروستات العملاقة (>100 مل) قد يستفيدون أكثر من العلاجات الجراحية (مثل استئصال أو إنقسام البروستاتا بالليزرأو الروبوت)، والقرار يعتمد على التقييم الفردي.
مضادات الاستطباب بقسطرة البروستاتا
ممنوعات أو حالات تتطلب الحذر:
- وجود ورم بروستاتا مشبوه أو مؤكّد، يجب استبعاد السرطان قبل الإجراء
- التهابات المسالك البولية النشطة أو عدوى غير معالجة
- الفشل الكلوي شديد (مرشّحون لرفض الصبغة الوعائية)، مما يتطلب تقييم كلوي دقيق
- تشوهات تشريحية أو وجود أمراض وعائية شديدة (تصلب شرايين يمنع الوصول إلى الشريان البروستاتي) مما قد يجعل الإجراء غير ممكن
- وجود حصوات أو رتجات كبيرة بالمثانة، قد تحتاج حلولًا جراحية مباشرة بدلاً من قسطرة البروستاتا
إجراء عملية قسطرة البروستاتا وإصمام الشريان البروستاتي
تقسم عملية قسطرة البروستاتا لعدة مراحل، وهي:
الفحوصات والتحضيرات قبل قسطرة البروستاتا
- الفحص السريري وتقييم الأعراض: مثل مقياس IPSS لتقييم جودة الحياة المرتبطة بالأعراض.
- تحاليل مخبرية: مثل صورة الدم الكاملة والوظائف الكلوية (كرياتينين، GFR) وزمن النزيف (INR) إذا كان المريض يتناول مضادات تخثّر.
- زراعة البول: لاستبعاد وجود التهاب بولي نشط قبل الإجراء. يجب علاج العدوى أولاً في حال كانت النتيجة إيجابية.
- تصوير تشريحي للأوعية والحوض: مثل CTA أو MRA للحوض لتخطيط مسار الشرايين، وقد يُستخدم cone-beam CT أثناء العملية لتحديد الفروع البروستاتية بدقة، هذا التصوير يساعد على تحديد الاستراتيجية الأنسب وتقليل خطر الانصمام غير المستهدف.
- إيقاف أو تعديل الأدوية: يقوم الطبيب بإعطاء توجيهات بخصوص مميعات الدم بحسب حالة المريض والأدوية التي يتناولها، عادةً يُراجع الطبيب قرار الإيقاف أو تحويل الجرعات قبل الإجراء.
- مناقشة النتائج المتوقعة والحصول على موافقة مستنيرة: أمر أساسي لأن قسطرة البروستاتا قد تتطلب إعادة علاج في نسبة من الحالات ويختلف تأثيرها عن الجراحة.
خطوات إجراء عملية قسطرة البروستاتا
يجب الالتزام بخطوات وترتيب معين خلال الإجراء لضمان أفضل النتائج، تشمل الخطوات:
- التهيئة والتخدير: تخدير موضعي لموقع الدخول (فخذ أو معصم) مع مهدئات بحسب الحاجة.
- دخول الشريان: إدخال غمد (sheath) وقثطار مبدئي داخل الشريان المختار.
- تشريح الأوعية وتصوير تبايني: حقن صبغة ظليلة لتحديد الشريان البروستاتي وفروعه.
- إدخال قثطار دقيق إلى فرع الشريان البروستاتي: يتطلب مهارة لأن الشرايين قد تكون متعرجة وصغيرة.
- حقن جسيمات الإنسداد: اختيار نوع وحجم الجسيمات وحقنها حتى يظهر انخفاض التدفق بالشريان الهدف دون حدوث تسرب إلى شرايين مجاورة.
- التكرار على الطرف المقابل: عادةً تُعالج الفروع الثنائية للبروستاتا في نفس الجلسة ما لم تمنع الظروف ذلك.
- إنهاء وإخراج القثطار: مراقبة ضغط موقع الدخول والحذر أثناء الإخراج.
- المتابعة: مراقبة المريض في قسم العناية لساعات قبل الخروج.

ما بعد العملية وفترة التعافي
- الإقامة والمراقبة: غالباً ما يخرج المريض في نفس اليوم بعد مراقبة قصيرة، وفي بعض المراكز قد يُنصح بمبيت ليلة واحدة بناءً على الحالة.
- الألم والأعراض الحوضية: ألم خفيف إلى متوسط في الحوض لبضعة أيام، شائع ويُعالج بمسكنات عادية.
- ألم أثناء التبول: قد يصاحب العملية تبول مؤلم أو متكرر لعدة أيام إلى أسابيع.
- بداية التحسّن: تحسّن ملحوظ في الأعراض يبدأ عادةً بعد أسابيع ويستمر حتى 3–6 أشهر.
- المتابعة: فحوص دورية تشمل IPSS وقياس تدفّق البول والحجم المتبقي بعد التبول وأحياناً يتم التصوير بالموجات فوق الصوتية أو PSA حسب حاجة المتابع.
المضاعفات والآثار الجانبية لقسطرة البروستاتا
تقسم المضاعفات والآثار الجانبية لقسطرة البروستاتا إلى نوعين، هما:
- المضاعفات الشائعة:
- تكون مؤقتة وغير خطيرة غالباً، وتشمل:
- ألم في الحوض
- تبول متكرر ومؤلم
- غثيان
- حمى طفيفة
- دم في السائل المنوي أو بالبول لفترة مؤقته، يمكن أن يحدث لدى نسبة من المرضى ويزول عادة خلال أسابيع
- تكون مؤقتة وغير خطيرة غالباً، وتشمل:
- مضاعفات نادرة/خطيرة:
- انسداد شريان آخر مما يسبب أذية لأنسجة مجاورة (المستقيم أو القضيب أو المثانة)، حالة نادرة لكنها موجودة إذا لم يتم التمييز الوعائي بدقة
- تسرُب الدم من موقع الدخول في الفخذ أو المعصم
- التهابات أو مضاعفات وريدية أو كلوية نادرة متعلقة بالصبغات التباينية لدى مرضى اعتلال كلوي.
مقارنة ما بين عملية قسطرة البروستاتا والإجراءات الأخرى
يجب علينا فهم الفروقات بين آليات علاج تضخم البروستات المختلفة، جدول يوضح هذه الفروقات:
البند | عملية قسطرة البروستاتا وإصمام الشريان البروستاتي | الاستئصال عبر الإحليل/ الليزر |
---|---|---|
طبيعة الإجراء | يتم قطع التروية الدموية للبروستاتا | استئصال أو إزالة نسيج البروستاتا بشكل تنظيري عبر الإحليل |
تحسّن الأعراض (IPSS) | تحسّن واضح بشكل مشابه تقريباً لـ TURP | تحسّن أكبر قليلاً |
السرعة وطبيعة التحسّن | تدريجي (أسابيع–أشهر بعد الإجراء) | فوري وسريع بعد إزالة النسيج مباشرة |
الآثار الجنسية | يحافظ غالباً على الوظيفة الجنسية والقذف | نسب أعلى من القذف الراجع ومشاكل القذف |
معدل إعادة التدخل | أعلى على المدى البعيد (قد يصل 20% خلال 4–5 سنوات) | احتمالية أقل لإعادة العلاج ونتائج أكثر استدامة |
الاختيار الأمثل | عند أولوية الحفاظ على الوظيفة الجنسية أو وجود موانع للجراحة | عند الحاجة لأفضل تحسّن وظيفي سريع ومستدام |
عملية قسطرة البروستاتا تمثل خيار آمن وفعال للرجال الذين يرغبون بتخفيف أعراض تضخم البروستاتا دون الخضوع للجراحة. اختيار هذا الإجراء يعتمد على تقييم حالة المريض وأهدافه العلاجية وتوصية الطبيب المختص. ومع التطور المستمر في تقنيات الأشعة التداخلية، يزداد اعتمادها عالميًا كبديل واعد للعلاجات التقليدية.
المصادر:
- Prostatic Artery Embolization | Johns Hopkins Medicine.” Johns Hopkins Medicine, n.d.
- PMC9865478.” PubMed Central (PMC), n.d. Accessed