يُعد سلس البول عند النساء من المشكلات الصحية الشائعة التي تؤثر على جودة حياة عدد كبير من السيدات حول العالم، تشير الإحصاءات إلى أن نحو واحدة من كل أربع نساء تعاني من أحد أشكال السلس البولي في مرحلة ما من حياتها، وتتزايد النسبة مع التقدم في العمر أو بعد الولادة الطبيعية المتكررة. سنستعرض في هذه المقالة كل ما تحتاجين معرفته عن سلس البول عند النساء.
ما هو سلس البول عند النساء؟
سلس البول هو خروج غير إرادي للبول نتيجة خلل في وظيفة العضلات أو الأعصاب المسؤولة عن التحكم بالمثانة والإحليل. رغم أن هذه الحالة قد تصيب الرجال أيضاً إلا أنها أكثر شيوعاً بين النساء بسبب العوامل التشريحية والوظيفية الخاصة بالجهاز التناسلي الأنثوي. قد تتراوح شدة الحالة بين تسرب بضع قطرات من البول أثناء الجهد البدني إلى فقدان كامل للسيطرة على المثانة وغالباً ما يؤدي ذلك إلى تقييد النشاطات اليومية والخروج الاجتماعي.
أنواع سلس البول عند النساء
يُصنَّف السلس البولي إلى عدة أنواع رئيسية حسب آلية حدوثه:
- سلس البول الإجهادي:
- يحدث عند زيادة الضغط داخل البطن كما في حالات السعال أو العطاس أو الضحك أو رفع الأوزان الثقيلة. السبب الرئيسي هو ضعف عضلات قاع الحوض أو العضلة العاصرة للإحليل وغالباً ما يرتبط بالولادة المهبلية أو التقدم بالعمر.
- سلس البول الإلحاحي:
- ينتج عن فرط نشاط عضلة المثانة حيث تنقبض العضلة بشكل مفاجئ مسببة رغبة ملحة بالتبول، يرتبط هذا النوع بأمراض عصبية مثل السكتة الدماغية أو التصلب المتعدد أو داء باركنسون.
- السلس المختلط:
- هو مزيج من النوعين السابقين، أي أن المريضة تعاني من تسرب البول أثناء الجهد، بالإضافة إلى رغبة مفاجئة ومتكررة بالتبول.
- فرط نشاط المثانة
- ليس كل من يعاني من فرط نشاط المثانة يصاب بسلس البول، لكنه يُعد مرحلة متقدمة من الإلحاح البولي المتكرر خاصة أثناء الليل.
أعراض سلس البول عند النساء
العلامة الأساسية هي تسرب البول بشكل غير الإرادي، إلا أن الأعراض قد تختلف باختلاف نوع السلس، وتشمل:
- الشعور المفاجئ بالحاجة الملحة للتبول
- صعوبة في السيطرة على البول أثناء النوم
- الشعور بالضغط أو الثقل في منطقة الحوض
- تكرار التبول لمرات عديدة خلال اليوم أو بالليل
- تسرب البول عند العطاس أو الضحك أو ممارسة الرياضة
- أحياناً حرقة أو ألم أثناء التبول في حال وجود عدوى بولية مرافقة
أسباب سلس البول عند النساء
تتعدد أسباب السلس بحسب النوع، ومن أبرزها:
- التهابات المسالك البولية المتكررة.
- استخدام بعض الأدوية كمدرات البول أو المهدئات
- الإمساك المزمن: يسبب إجهاد متكرّر على عضلات الحوض.
- هبوط الأعضاء التناسلية: يؤدي إلى تغيير وضع الإحليل والمثانة.
- أمراض عصبية: مثل داء باركنسون أو السكتة الدماغية أو التصلب اللويحي.
- زيادة الوزن: الضغط الزائد على المثانة يضعف قدرتها على الاحتفاظ بالبول.
- الحمل والولادة المتكررة: تؤدي إلى تمدد أو ضعف عضلات وأربطة قاع الحوض.
- الشيخوخة: تقل مرونة الأنسجة مع التقدم في السن وتضعف العضلة العاصرة للإحليل.
قد يرتبط السلس عند النساء الأكبر سناً بانخفاض مستوى الهرمونات الأنثوية (الإستروجين) بعد سن اليأس مما يؤثر على دعم الأنسجة المحيطة بالإحليل.
تشخيص سلس البول عند النساء
يبدأ التشخيص بأخذ تاريخ مرضي مفصل وفحص سريري دقيق يشمل تقييم عضلات قاع الحوض وفحص الحوض الداخلي. ثم يتم طلب عدد من الاختبارات لتحديد نوع السلس وسببه، منها:
- قياس حجم البول المتبقي في المثانة بعد التبول
- قياس تدفق البول: لمعرفة كمية البول وسرعة خروجه.
- تحليل البول: للكشف عن الالتهابات أو وجود دم في البول.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية: لتقييم وضع المثانة والأعضاء المجاورة.
- اختبار ديناميكية البول: يقوم بتقييم وظيفة المثانة والإحليل أثناء الامتلاء والتفريغ.

علاج سلس البول عند النساء
يتم علاج السلس البولي بحسب نوعه وشدّته وسبب حدوثه، ويفضّل البدء بالعلاجات غير الجراحية، تتضمن الأشكال العلاجية:
العلاج الغير جراحي
- تعديل نمط الحياة والعلاج السلوكي:
- معالجة الإمساك المزمن
- التخلص من الوزن الزائد
- تنظيم مواعيد التبول (تدريب المثانة)
- التوقف عن التدخين لتجنب السعال المزمن
- تقليل استهلاك الكافيين والمشروبات الغازية والكحول
- تمارين كيجل:
- تُعد الخطوة الأولى في علاج السلس الإجهادي، حيث تهدف هذه التمارين إلى تقوية عضلات قاع الحوض المسؤولة عن دعم المثانة والإحليل. يتم ممارستها ثلاث مرات بشكل يومي لمدة لا تقل عن 12 أسبوع، ويمكن الاستعانة بالتحفيز الكهربائي لتحسين النتائج، خاصة في حال صعوبة تحديد العضلات بشكل صحيح.
- الأدوية:
- تُستخدم عادة لعلاج السلس الإلحاحي أو فرط نشاط المثانة، وتشمل:
- مضادات الكولين: تقلل انقباضات المثانة غير الإرادية مثل الأوكسيبوتينين والتولتيرودين.
- ناهضات بيتا-3: تساعد على إرخاء عضلة المثانة وزيادة قدرتها على التخزين مثل ميرابيغرون.
- العلاج بالإستروجين الموضعي: على شكل كريم أو تحميلة مهبلية لتحسين دعم الأنسجة في مرحلة ما بعد سن اليأس.
- تُستخدم عادة لعلاج السلس الإلحاحي أو فرط نشاط المثانة، وتشمل:

العلاج الجراحي
يُوصى به عند فشل العلاجات التحفظية ويُحدد نوع الإجراء وفقًا لنوع السلس:
- جراحة التعليق المهبلي:
- يتم فيها رفع عنق المثانة وتثبيته في مكانه الصحيح باستخدام الغرز لتقوية الدعم حول الإحليل. تُجرى عادة عبر شق بطني أو تنظير البطن وتُعد من الجراحات ذات النتائج الممتازة على المدى الطويل.
- إجراء الشريط:
- يُستخدم فيه شريط من نسيج المريضة أو شبكة صناعية (مثل TVT أو TOT) لوضعه تحت الإحليل كدعامة تمنع التسرب أثناء الجهد.
- حقن مواد داعمة حول الإحليل:
- تُجرى بالمنظار باستخدام مواد مثل الكولاجين أو السيليكون لزيادة مقاومة الإحليل بشكل مؤقت.
- تركيب مصرة بولية اصطناعية:
- خيار متقدم يُستخدم في الحالات الشديدة غير المستجيبة للعلاجات الأخرى.
التعافي والمضاعفات المحتملة بعد الجراحة
تحتاج المريضة عادةً إلى فترة راحة تمتد من 4 إلى 6 أسابيع بعد الجراحة مع تجنب رفع الأثقال والعلاقة الزوجية مؤقتاً. قد تحدث بعض المضاعفات النادرة مثل:
- العدوى أو النزف
- صعوبة مؤقتة في التبول
- تهيج المثانة أو زيادة تكرار التبول
- آلام أثناء الجماع أو هبوط مهبلي لاحق
علاج سلس البول الليلي عند النساء
قد تعاني بعض النساء من تسرب البول أثناء النوم. ويُساعد في هذه الحالة:
- تقليل السوائل قبل النوم
- تجنب المنبهات كالكافيين في المساء
- تدريب المثانة على التحكم بمواعيد الإفراغ
- استخدام فوط أو أدوات واقية ليلية مؤقتة عند الحاجة
- علاج أي التهابات بولية أو اضطرابات هرمونية مرافقة
الوقاية من سلس البول عند النساء والتعامل مع الحالة
هناك مجموعة من النصائح التي يجب علينا الالتزام بها لنقي أنفسنا من الإصابة بسلس البول عند النساء، مثل:
- المحافظة على وزن صحي
- معالجة السعال والإمساك المزمنين مبكراً
- ممارسة تمارين كيجل بانتظام حتى بعد العلاج
- مراجعة الطبيب فور ملاحظة أي تسرب بولي متكرر
يُعتبر سلس البول عند النساء حالة شائعة لكنها قابلة للعلاج في معظم الحالات، خاصة عند التشخيص المبكر واتباع الإرشادات العلاجية المناسبة. إن الالتزام بتمارين تقوية الحوض وتعديل نمط الحياة يساهم بشكل كبير في تحسين السيطرة على المثانة واستعادة جودة الحياة الطبيعية.
المصادر:
- U.S. Department of Health & Human Services, Office on Women’s Health. (2021, February 22). Urinary incontinence
- American Academy of Family Physicians. (2019, September 15). American Family Physician.