يُعتبر العلاج الضوئي الديناميكي من التقنيات الحديثة والفعالة في مجال الطب التجميلي والجلدي، حيث يُستخدم لعلاج العديد من الآفات الجلدية والحالات المرضية مثل الأورام السطحية، والبقع الجلدية، وحب الشباب، وبعض أنواع السرطان الجلدي. يعتمد هذا العلاج على استخدام مواد محسسة للضوء تفعّل بتعرض الجلد لضوء محدد الطول الموجي، مما يؤدي إلى تدمير الخلايا غير الطبيعية بطريقة انتقائية، مع الحفاظ على الأنسجة السليمة المحيطة. يزداد الاهتمام بالعلاج الضوئي الديناميكي نظرًا لنتائجه الممتازة، وقلة الآثار الجانبية، وسرعة التعافي مقارنة بالطرق التقليدية.
ما هو العلاج الضوئي الديناميكي (PDT)؟
العلاج الضوئي الديناميكي (PDT): هو تقنية علاجية فعّالة وآمنة نسبيًا تُستخدم في علاج عدد من الحالات المرضية، وخاصة الأمراض الجلدية وبعض أنواع السرطان. يتميز هذا العلاج بإمكانية إجرائه في العيادات الخارجية، كما أنه بسيط من حيث التطبيق، منخفض التكلفة، ويُعطي نتائج ممتازة عند تنفيذه بالشكل الصحيح.
التحضير قبل إجراء العلاج الضوئي الديناميكي
في حال تم ترشيح المريض من قبل الطبيب لإجراء المعالجة الضوئية الديناميكية لتدبير أو إزالة آفة جلدية، يُنصح باتباع النصائح التالية:
- يُفضل التوقف عن استخدام مستحضرات فيتامين A الموضعية، مثل الريتينويدات، قبل أسبوع من موعد جلسة المعالجة على البشرة، بهدف تقليل احتمال تحسس الجلد وزيادة فعالية العلاج.
- يُنصح بإحضار ملابس تحمي من التعرُّض لأشعة الشمس، مثل النظارات الشمسية، والقبعات، وقفازات اليد، حيث إن التعرض للضوء الشديد بعد الجلسة قد يؤدي إلى تأثيرات جانبية، كاحمرار، وتورم، وإحساس بالحرقة في المنطقة المعالجة.
- في حال وجود شعر كثيف في المنطقة المصابة، يُفضل حلق الشعر قبل يومين على الأقل من موعد الجلسة، لتسهيل امتصاص المادة المُحسسة للضوء وضمان فعالية العلاج.
- في يوم الجلسة، يُفضل التوجه إلى المشفى أو العيادة ببشرة نظيفة وخالية تمامًا من المرطبات، ومساحيق التجميل، والكريمات الواقية من الشمس في المنطقة المراد علاجها، لتفادي حدوث تداخلات قد تؤثر على امتصاص الدواء أو فعالية الضوء العلاجي.
مراحل العلاج الضوئي الديناميكي
يتكون العلاج من مرحلتين رئيسيتين:
إعطاء المادة المحسّسة للضوء (Photosensitizer)
يتم في البداية استخدام مواد كيميائية تُعرف باسم “العوامل المُحسسة للضوء”. هذه المواد تكون خاملة بطبيعتها، لكنها تكتسب خصائص علاجية عند تعرّضها للضوء المناسب. يمكن إعطاء هذه المواد بعدة طرق:
- عن طريق الفم.
- عن طريق الحقن الوريدي.
- أو عن طريق التطبيق الموضعي على الجلد، كما هو الحال في علاج بعض الآفات الجلدية.
تفعيل المادة باستخدام الضوء
بعد امتصاص المادة المحسّسة من قبل الخلايا المستهدفة (وخاصة الخلايا غير الطبيعية)، يتم تسليط ضوء بطول موجي محدد (غالبًا ليزر أو ضوء أحمر/أزرق) على المنطقة المصابة.
هذا الضوء يُفعّل المادة المحسّسة، مما يؤدي إلى حدوث تفاعل كيميائي يُنتج مركبات تُسبب تدميرًا انتقائيًا للخلايا المريضة دون التأثير الكبير على الأنسجة السليمة.

أثناء إجراء المعالجة الضوئية الديناميكية
يُعطى الدواء المُحسِّس للضوء (Photosensitizer) إمّا عن طريق الحقن الوريدي، أو عبر الفم، أو بشكل موضعي على هيئة مرهم يتم تطبيقه على الجلد، تعتمد طريقة الإعطاء على نوع الإصابة وموقعها، سواء كانت سطحية مثل الآفات الجلدية، أو داخلية مثل الأورام التنفسية والهضمية.
بعد إعطاء المادة المُحسِّسة للضوء، يُطلب من المريض العودة إلى المنزل لفترة زمنية يُحدّدها الطبيب، وذلك للسماح للمادة بالتراكم الانتقائي داخل الخلايا غير الطبيعية (مثل الخلايا السرطانية أو المتحولة).
تعتمد هذه الفترة، والتي تُعرف بفترة “الكمون الضوئي” (Drug-light interval)، على نوع المادة المُستخدمة، وقد تتراوح من ساعات إلى أيام، بعد انقضاء فترة الكمون، يُعاد المريض إلى العيادة، حيث يُسلَّط ضوء بطول موجي محدد (عادةً ليزر أو LED) على المنطقة المُعالجة.
يؤدي هذا التفاعل بين الضوء والمادة المُحسِّسة إلى توليد أنواع تفاعلية من الأكسجين (Reactive Oxygen Species – ROS)، ما يسبب تدمير الخلايا غير الطبيعية بطريقة انتقائية، مع المحافظة على الخلايا السليمة إلى حد كبير.
في حالات معالجة أورام داخلية، مثل سرطان الرئة أو المريء، يتم توجيه الضوء إلى موقع الورم عبر مناظير داخلية، مثل منظار القصبات أو التنظير الهضمي العلوي، يُستخدم التخدير الموضعي أحيانًا لتقليل الانزعاج أثناء الإجراء، بحسب موقع وحجم المنطقة المعالجة.
ما هي الحالات التي يُستخدم فيها العلاج الضوئي الديناميكي؟
مزايا العلاج الضوئي الديناميكي
- طفيف التوغل مقارنةً بطرق العلاج الأُخرى كالجراحة
- آمن نسبياً ولا يحمل آثار سلبية على المدى البعيد في حال أجري بشكل صحيح
- الحد قدر الإمكان من أذية الخلايا الطبيعية حيثُ أنََ الخلايا المرضية تمتص الأدوية المحسسة للضوء بشكل أكبر من الخلايا الطبيعية
- القدرة على توجيه الضوء بدقة عالية نحو المنطقة المراد علاجها وبالتالي تجنب أذية الخلايا المجاورة
- يستغرق تطبيقُه فترة قصيرة (10 إلى 45 دقيقة) غالبًا يمكن إجرائهُ بالعيادة الخارجية
- على عكس العلاج الإشعاعي، يُمكن تكرار تطبيق العلاج بالطاقة الضوئية في نفس المنطقة.
- لا يسبب العلاج الضوئي الديناميكي ندوب في الأماكن المعالجة
- قليل التكلُفة نسبياً
نصائح بعد إجراء العلاج الضوئي الديناميكي
- العناية بالضماد
- بعد الجلسة، يتم تغطية المنطقة المُعالجة بضماد واقٍ.
- يجب الحفاظ على الضماد في مكانه للفترة التي يُحددها الطبيب، وعدم إزالته قبل ذلك.
- الحفاظ على نظافة وجفاف الجلد
- تجنب حكّ أو خدش المنطقة المعالجة.
- يُفضل إبقاء المنطقة جافة قدر الإمكان خلال فترة الضماد.
- بعد السماح بإزالة الضماد، يمكنك غسل المنطقة والاستحمام بشكل طبيعي.
- تجنّب التعرض للضوء
- المنطقة المعالجة تكون شديدة الحساسية للضوء (خاصة الشمس) بعد العلاج.
- يجب تجنّب التعرض المباشر لأشعة الشمس أو أي مصدر ضوء قوي لمدة يحددها الطبيب (عادةً من 48 إلى 72 ساعة).
- يُوصى بالبقاء في المنزل قدر الإمكان، وارتداء:
- ملابس تغطي الجلد المُعالج.
- قبعة واسعة الحواف أو قناع واقٍ إذا كانت المنطقة المعالجة في الوجه.
- مراقبة الأعراض الجانبية: من الطبيعي أن يظهر
- احمرار في المنطقة.
- تورم خفيف أو إحساس بالحرق.
- هذه الأعراض مؤقتة وتزول عادة خلال عدة أيام.
- مدة التعافي
- يستغرق الشفاء التام عادة بين 2 إلى 6 أسابيع.
- تختلف مدة التعافي حسب:
- حجم المنطقة المعالجة.
- موقعها في الجسم.
- استجابة الجسم للعلاج.
- المتابعة الطبية
- يُحدد لك الطبيب موعدًا لمتابعة الحالة بعد الجلسة.
- تهدف الزيارة إلى تقييم فاعلية العلاج، وتحديد ما إذا كنت بحاجة إلى جلسة إضافية.
الآثار الجانبية للعلاج الضوئي الديناميكي
- إحساس بحُرقة في المنطقة المعالجة يزول تلقائياً بعد فترة من الزمن
- الحساسية الشديدة للضوء، لذا يجب تجنُب التعرُض للضوء الشديد خلال فترة التعافي
- احمرار وتورم في المنطقة المعالجة وقد تظهر قشور أو بثور في تلك المنطقة
- تساقُط الشعر في منطقة العلاج
- إنتانات جلدية
- في حال تم استخدام المعالجة الضوئية على المري، قد تظهر إحدى الأعراض التالية عسرة البلع، غثيان، نزف هضمي العلوي.
ختاماً، يُعد العلاج الضوئي الديناميكي خيارًا علاجياً مبتكرًا وفعّالًا للكثير من الأمراض الجلدية والآفات، لما يتميز به من دقة عالية وتأثير انتقائي يقلل من الضرر الجانبي على الجلد. مع التطور المستمر في هذه التقنية، يتوقع أن يتسع نطاق استخدامها لتغطية حالات أكثر، مع تحسين نتائج العلاج وتقليل فترة التعافي. من المهم استشارة الطبيب المختص لتحديد مدى ملاءمة العلاج حسب الحالة الفردية، وضمان تحقيق أفضل النتائج.
المصادر:
- National Health Service. (n.d.). Photodynamic therapy (PDT). NHS.
- National Cancer Institute. (2025, May 15). Photodynamic Therapy to Treat Cancer. NCI.